كنت أدرس الماجستير في باكستان وفي العاصمة إسلام أباد رأيت بيتا عليه حراسة عسكرية، فسألت صاحبي من صاحب هذا البيت، فقال: هو مخترع القنبلة النووية الباكستانية عبد القدير خان، هرب من الغرب لينفع وطنه الإسلامي، أما على اليسار فهو المهندس النووي أدهم زاكي السمان ولم يتح للثاني أن يصنع قنبلة نووية كما صنع عبد القدير خان، أما ترجمة الأثنين فتجدها في قسم الأعلام
من هو عبد القدير خان اقرأ المزيد من هنا
(عظماء الرجال)
ـ الدُّكتور أدهم بن زاكي السَّمَّان ـ
لا أنسى والده الحاج زاكي السَّمَّان رحمه الله بخفَّة ظلِّه وروحه المرحة
ودعاباته اللَّطيفة وهو شيخٌ وقورٌ، فقد كان يسكن في الحيِّ الذي نسكن فيه.
أمَّا ولده الدُّكتور أدهم فلا أعرفه لكنَّني كنت أسمع به، ولمَّا قرأتُ موجزًا
مبسَّطًا لسيرته العطرة أيقنتُ أنَّ هذا الرَّجل جديرٌ بأنْ يُترجَم له لتعرف
الأجيالُ المتلاحقة كيف كان بحقٍّ من عظماء الرِّجال الذين أنجبتهم مدينة
حماة.
ولد الدُّكتور أدهم بن زاكي السَّمَّان في مدينة حماة عام 1924م، وترعرع
فيها وتعلَّم في مدارسها حتى حصل على البكالوريا الأولى، ثمَّ انتقل إلى
دمشق فحصل فيها على البكالوريا الثانية فرع الرِّياضيَّات في عام 1945م.
انتسب في عام 1946م إلى جامعة بيروت الأمريكيَّة لدراسة اللُّغة
الإنجليزيَّة، ثم عاد في خريف السَّنة نفسها إلى دمشق للدِّراسة في كليَّة العلوم
المحدثة لدى افتتاحها.
تردَّد في بداية دراسته الجامعية ما بين الفيزياء والطِّبِّ، ثمَّ استقرَّ على
دراسة الطِّبِّ تلبية لرغبة والده، وبعد حصوله على شهادة الدِّراسة العالية في
الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا أرسله والده إلى فرنسا ليتابع فيها دراسة
الطِّبِّ، لكنَّه عزم الأمرَ هناك على دراسة الفيزياء في جامعة ستراسبورغ
ذلك التَّخصص الذي استحوذ على عقله منذ ريعان شبابه.
بعد أن حصل على الإجازة في العلوم الفيزيائية تابع دراسته في الفيزياء
النوويَّة، وحصل على دكتوراه الدَّولة في العلوم الفيزيائيَّة في عام 1958م،
وكُلِّف بالتَّدريس في دكتوراه الحلقة الثَّالثة في جامعة ستراسبورغ في عامي
1958ـ 1959م.
عمل الدُّكتور أدهم بعد ذلك باحثًا زائرًا في المركز الأوربِّيِّ للفيزياء النَّوَويَّة
في جنيف، ثم عاد إلى الوطن في عام 1961م فعين مدرسا في كليَّة العلوم
بجامعة دمشق، ثم ترقَّى فيها إلى وظيفة أستاذ إلى أن توفَّاه الله إثر مرض
عضال في الثَّاني من شهر آذار عام 1997م.
للدُّكتور أدهم بحوثٌ عديدةٌ في الفيزياء النَّوَويَّة نشرها في أثناء تحضيره
الدُّكتوراه في المركز الأوربِّيِّ للفيزياء النَّوَويَّة في جنيف بسويسرا، وفي
المركز الوطنيِّ للبحوث العِلْميَّة في فرنسا، وفي دمشق ألف كتابًا في الضَّوْء
الهندسيِّ، وكتابًا آخرَ في الكهرطيسيَّة لطلاب الإجازة في العلوم الفيزيائيَّة
نشرتهما جامعة دمشق بالإضافة إلى العديد من المقالات الأخرى
المتخصِّصة.
كان للدُّكتور أدهم باع طويلٌ في مجال التَّعريب والتَّرجمة وهو الذي يتقن
اللُّغتين الفرنسية والإنجليزية بالإضافة إلى تضلُّعه من لغته الأم “اللُّغة
العربيَّة” فقد شارك في ترجمة مؤلف “فلوري وماتيو” الموسَّع في الفيزياء
العامَّة والتجريبيَّة الذي نشره المجلس الأعلى للعلوم في ثمانية أجزاء، كما
ترجم كتبًا أخرى قيِّمة لأئمَّة الفيزياء في القرن العشرين منها: “الأرض
والسَّماء” لفولكوف، و”طبيعة قوانين الفيزياء” لريتشارد فاينمان، و”النسبيَّة”
لألبرت آينشتاين ، و”فيزياء وفلسفة” لفيرنر هايزينبرغ، و”كيف أرى العالم”
لآينشتاين، و”المُثُل العليا والواقع” لعبد السلام، و”المكان والزَّمان في العالم
الكونيِّ الحديث” لريموند ديفس، و”موجز تاريخ الزَّمن” لستيفن هوكينغ،
و”الأوتار الفائقة” لريموند ديفس وبراون، و”مع القفزة الكمومية” لوولف،
و”عجائب الضَّوء والمادَّة” لريتشارد فاينمان، و”أحلام الفيزيائيِّين” لستيفن
واينبرغ، وراجَع ترجمة عدَّة كتب كان آخرها كتاب “البحث عن اللَّانهاية”
لفريزر وآخرين، كما شارك في نقل معجم “مصطلحات العلوم
والتّكنولوجيا” لماكروهيل إلى العربية، كما شارك في مسيرة نهضة التَّعريب
في سورية ومصر ولبنان والجزائر والكويت، وفي تعريب التَّعليم في
الجامعات، وفي تطوير التَّعليم العالي… حتى إنه لما شعر بالمرض كان
يترجم أو يراجع مقالة عهِدت بها إليه مجلة “العلوم الكويتية” فتابع عمله
رابط الجأش، ولم يمض للمعالجة في فرنسا إلَّا بعد أن أنجز ما عهد إليه به
على الرَّغم من تحذير الأطباء له من التأخر في المعالجة.
نال الدُّكتور أدهم بعدما رجع إلى أرض الوطن جائزة الدَّولة للعلوم عام
1965م، وتولَّى وكالة الشؤون العِلْميَّة في كليَّة العلوم، ورئاسة تحرير مجلَّة
“عالم الذَّرَّة” التي تصدرها هيئة الطَّاقة الذَّريَّة لمدة عامين، ثم عُيِّن مستشارًا
علميًّا للهيئة منذ عام 1979م حتى وفاته.
كان أدهم السَّمَّان عالمًا قويَّ الذَّاكرة، سريع البديهة، واسع الاطلاع، صادقًا
نزيهًا، كريم الخُلُق، مرهف الإحساس، وفيًّا للعلم وللنَّاس، وممَّا لا يعرفه
الكثيرون عنه أنه نشأ في بيئةٍ عربيَّةٍ إسلاميَّةٍ خالصة، فقد ختم القرآن الكريم
وهو في الصَّفِّ السَّابع، وأولع بالشِّعر العربيِّ وتغنَّى به، وحفظ روائع
الشِّعر العربيِّ منذ صغره، أفادها من أمِّه التي كانت تترنَّم بالشعر أمام
ضيوفها من النِّساء، فنظم الشِّعر على السَّليقة وهو طالبٌ في الصَّفِّ السَّابع
أيضا، ثمَّ انضمَّ إلى اتِّحاد الكُتَّاب العرب فيما بعد، وسُمِّي عضوًا في هيئة
تحرير مجلَّة “التُّراث العربيِّ” الَّتي يصدرها الاتِّحاد.
رحم الله الدُّكتور أدهم بن زاكي السَّمَّان الَّذي كان بعِلْمه الجَمِّ وعطائه الثَّرِّ
وإرادته الصّلبة، وطموحه الواسع أعجوبة زمانه ومفخرةً لحماة والحمويِّين،
فكان بحقٍّ من عظماء الرِّجال.
(المادة مقتبسة من وكيبيديا وموقع حماة ناشونال جيوغرافيك بتصرف)
محمد عصام علوش
11/1/2023م