إن من أهم شروط خلود أدب الثورات أن يكون في كل حين وقوداً يؤجج نيران الثورات في النفوس، ودواءاً يداوي جراحات قلوب الثوار، ثم نوراً تبين معالم الطريق…، ثم مدافع تنطلق بقذائفها من حناجر الثوار لتدمر أرض الظالمين…، وتعزية تطرد الحزن والأسى من النفس لتندفع مطمئنة إلى النصر المبين، ومحولاً يحول دماء الشهداء إلى مطر يسقي.. فتنبت ربوع الوطن الحبيب…
نعم. لقد كان شعر أمير الشعراء أحمد شوقي في ثورة دمشق – بل ثورة سورية كلها – من هذا الشعر الذي حاز على ذلك الخلود- خلود أدب الثورات إذ يقول :
سلام من صبا بردى أرق *** ودمع لا يكفكف يا دمشق
وبي مما رمتك به الليالي *** جراحات لها في القلب عمق
تكاد لروعة الأحداث فيها *** تخال من الخرافة وهي صدق
ألست دمشق للإسلام ظئرا *** ومرضعة الأبوة لا تعق
صلاح الدين تاجك لم يجمل *** ولم يوسم بأزين منه فرق
رياض الخلد ويحك ما دهاها *** أحق أنها درست أحق
بليل للقذائف والمنايا *** وراء سمائه خطف وصعق
دم الثوار تعرفه فرنسا *** وتعلم أنه نور وحق
جرى في أرضها فيه حياة *** كمنهل السماء وفيه رزق
بلاد مات فتيتها لتحيا *** وزالوا دون قومهم ليبقوا
وقفتم بين موت أو حياة *** فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا
وللأوطان في دم كل حر *** يد سلفت ودين مستحق
ففي القتلى لأجيال حياة *** وفي الأسرى فدى لهم وعتق
وللحرية الحمراء باب *** بكل يد مضرجة يدق